كوابيس .

(1)

حلمتُ بحافلة كانت عائدة من بلاد الشام...
كان ركّاب الحافلة أرواحاً, كينونات هلامية , لكنّها مع هذا محتفظة بشيء من ماديتها البشرية..
كانوا كما لو أنّهم أشخاص معلقين, ليسوا داخل العالم و ليسوا خارجه كذلك..
خارج الحافلة , كان المنظر يرتجف تحت قيظ الشمس اللاهبة..
داخلها , كان الهواء ثقيلاً و خانقاً..
حتى أنّ خيطاً من الضوء بالكاد يمكنه اختراق بوخ النفس المكتوم الخارج من رئات لأجساد لا مرئية , أجساد تعود لأعراق متنوعة , عرفت هذا من الزخم الكثيف للرائحة الحادة و المعقّدة الصادرة عن ذواتهم ..
كنت قادرة على تمييز بعض من الركاب , دون أن أعرف آليتي في ذلك..
ميّزت أخي الأصغر , عمي وحفيده , صديقة قديمة من زمن الطفولة , إضافة لآخرين شعرت بصلة غامضة تربطني , أو ربطتني بهم...
وجودي أنا أيضاً كان مشوّشاً, كنت كمشاهدة من خلف شاشة , لكنني متورطة بدوري في أحداث ما أشاهده...
في رحلتها الأبدية تعرّضت الحافلة لحادث مروع , و يبدو أنه لم ينج أحد منه..
لكن كان هناك منطقاً غريباً يحكم قانون الحياة و الموت فيه..
حيث أنّ من نجوا هم الذين كانت لديهم نسخ احتياط من ذواتهم خارج الحافلة..
لكن بشأن نسخ الحافلة, فهي شيء قد تلف تماما..

أذكر أيضاً أنني كنت في الجهة الأخرى ممن كانوا ينتظرون بلهفة وصول الحافلة..
وفرحت لما عرفت أن أخي لم يصب بأذى..
لكنه أوصل لي كرتون يخصني..
كرتون يحمل أشلائي..
كرتون فيه دماء وذباب , وكيس نايلون أسود و جسد معجون بلا هوية..

ليست هناك تعليقات:

 

Web Counter
Open GL Graphics