فــراغ .

أخرجت الصورة من الألبوم
التاريخ المدوّن خلف الصورة,عيد الفطر 1406هـ

في كادرها,تظهر أمها,واقفة بجلابية كحلية واسعة , موشاة بنقوش ذهبية, و على مبعدة خطوتين (خطوتين بالنسبة للمكان , سنتمترين بالنسبة للصورة, ومسافة لا تقدّر بين عالمين بالنسبة للآن) يجلس ابوها على كرسي بمسندين, وفي حضنه تجلس هي وشقيقتها التي تصغرها بعامين, نظرتها مستقيمة للأمام , بينما أختها ترفع رأسها بشغب لتداعب ذقن أبيها.
خمّنت مالذي تقوله نظراتهم في الصورة, مالذي كان يدور برؤوسهم؟
أمها , مبتهجة بأنه قد أصبح لديها عائلة , عائلة تأخذ صوراً للأعياد , وتسجّل في ظهرها التواريخ بخط مزهو و رشيق, عيد الفطر 1405هـ , عيد الأضحى 1404هـ , عيد الميلاد الأول لـ(..) 16/6/1402هـ, اللحظة التي تقف فيها عائلتها لتأخذ صورة , لحظة آمنة و مبتهجة ,لحظة قصت من على أطرافها الأسئلة السخيفة : متى سأنجب الصبي ؟ متى سننتقل لسكننا الخاص؟ ... , لحظة تنظر فيها لعدسة الكاميرا , وتباهي بعائلتها و تغتبط.
) لحظة تمد فيها يدها لفم الزمن , و تخرج ورقتها من بين أسنانه , الورقة تم علكها , مجعدة , لكنها تفردها و تمسدها , و تطمأن بأنها لم تتلف, في العيد المقبل حينما تمد يدها لفمه, سيبتلعها الزمن , في العيد المقبل لن تظهر في الصورة(



والدها , سيفكر بأنه رجل أنيق , و يسأل هل يظهر الحنان في الصور؟
هي, تفكّر متى سنذهب للعيد؟ ( هل العيد بيت ؟ رجل نصافحه؟ , ماشكله ياترى؟ بالتأكيد هو شيء مجسم بالنسبة لطفلة الخامسة)
اختها, ؟؟؟

تتناول الصورة , تنظر إليها , تنفخ عنها الغبار , و تسقط وقفة أمها , يفتت الهواء أمها إلى ذرات تطير بعيدا.
تقلب الصورة و تنظر للفراغ بشكل قوام أمها الراحلة
الفراغ بطول 7سم في الصورة , بطول 167 سم كما يقول أبوها
167سم قابلة للزيادة
الزيادة التي تسمح للأشباح للعبور من قصص جدتها لتحت لحافها قبل أن تنام , الزيادة التي تسمح لسؤال ضخم وحائر أن يعبر حينما ترى قطرات الدم في ألبستها الداخلية , الزيادة التي تسمح بدخول الأشياء المؤذية , الزيادة المرنة الطيّعة القابلة للتمدد حسبما يقتضي الأمر


.
.

ليست هناك تعليقات:

 

Web Counter
Open GL Graphics